المثل من أكثر الأشكال التعبيرية الشعبية انتشارا

المثل

ضرب المثل من أكثر الأشكال التعبيرية الشعبية انتشارا وشيوعا، ولا تخلو منها أية ثقافة، إذ نجدها تعكس مشاعر الشعوب على اختلاف طبقاتها وانتماءتها، وتجسد أفكارها وتصوراتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها ومعظم مظاهر حياتها، في صورة حية وفي دلالة إنسانية شاملة، فهي بذلك عصارة حكمة الشعوب وذاكرتها. وتتسم الأمثال بسرعة انتشارها وتداولها من جيل إلى جيل، وانتقالها من لغة إلى أخرى عبر الأزمنة والأمكنة، بالإضافة إلى إيجاز نصها وجمال لفظها وكثافة معانيها.

 كل جيل تسبقه أجيالا تندثر عبر السنين وتبقى لنا تجاربه وحكمه التي تبقى لنا على شكل أمثال وحكم وكلما كبرنا نعيش عبر هذه الأمثال ونقدر قيمتها لان التاريخ يعيد نفسه على شكل مختلف من الناس بينما الوقائع التي قيلت فيها هذه الأمثال نعيشها في أي حقبة من الزمان .

ولقد حظيت الأمثال الشعبية بعناية خاصة، عند الغرب والعرب على حد سواء، ولعل عناية الأدباء العرب بهذا الشكل التعبيري كان لها طابع مميز، نظرا للأهمية التي يكتسيها المثل في الثقافة العربية، فنجد ابن الأثير يشير إلى أهميتها وهو يحيط المتصدي لدراسة الأمثال علما أن «الحاجة إليها شديدة، وذلك أن العرب لم تصغ الأمثال إلا لأسباب أوجبتها وحوادث اقتضتها، فصار المثل المضروب لأمر من الأمور عندهم كالعلامة التي يعرف بها الشيء».

المثل

 كتاب مجمع الأمثال(أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري):

يحتوي هذا الكتاب على ما يقرب من «5000» مثل من الأمثال العربية القديمة، سوى آلاف أخرى من الأمثال المولدة، وقد رتبه المصنف كتابه على أحرف المعجم ذاكرًا مضرب كل مثل ومورده، ومختتمًا للكتاب بذكر أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين التي جرت مجرى الأمثال.

ويشير الماوردي إلى التأثير النفسي للأمثال قبل أن يعرض خصائصها فيقول: «وللأمثال من الكلام موقع في الأسماع وتأثير في القلوب، لا يكاد الكلام المرسل يبلغ مبلغها ولا يؤثر تأثيرها، لأن المعاني بها لائحة والشواهد بها واضحة والنفوس بها وامقة والقلوب بها واثقة والعقول لها موافقة، فلذلك ضرب الله الأمثال في كتابه العزيز وجعلها من دلائل رسله وأوضح بها الحجة على خلقه، لأنها في العقول معقولة وفي القلوب مقبولة، ولها أربعة شروط:

  • أحدها: صحة التشبيه.
  • والثاني: أن يكون العلم بها سابقا والكل عليها موافقا.
  • والثالث: أن يسرع وصولها للفهم ويعجل تصورها في الوهم من غير ارتياء في استخراجها ولا كد في استنباطها.
  • والرابع: أن تناسب حال السامع لتكون أبلغ تأثيرا وأحسن موقعا، فإذا اجتمعت في الأمثال المضروبة هذه الشروط الأربعة، كانت زينة للكلام وجلاء للمعاني وتدبرا للأفهام»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

MODAKRATI تصميم بلوجرام © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.