عباس محمود العقاد:
يعتبر عباس محمود العقاد من أشهر كتاب مصر المعاصرين،
ومن أغزر الأدباء والكتاب إنتاجا للمقالات والكتب والدراسات .
ولد العقاد بمدينة أسوان، وهي إحدى مدن الصعيد
المصري ، وذلك سنة 1889 م . وسط أسرة مصرية صميمة ،متوسطة الحال وقيل أن أمه من سلالة الشرفاء .
وفي هذه المدينة نشأ وتلقى تعليمه الأول ، فتخرج
من المدرسة الابتدائية سنة 1903
م . وكان قد تميز بين تلاميذ مدرسته بالاعتداد بالنفس
والميل إلى قرض الشعر ، والتفوق في الإنجليزية ، والتفوق في مادة الرياضيات .
ولم يلبث أن التحق بالوظيفة سنة 1905 م وهو تلميذ ، وواظب على
المطالعة والدرس والتحصيل ، ثم استقال من وظيفته والتحق بمدرسة تقنية سنة 1906 م ، ثم تركها مرة أخرى
ليلتحق بوظيفة في مصلحة البريد ، ثم يتبرم بكل ذلك ، وينخرط في الصحافة ، لتكون
بمثابة المدرسة الثانوية والجامعة في شحذ مواهبه وتكوين ثقافته ، وإعداد قلمه .
ثم اشتغل بالتدريس خلال سنوات الحرب العالمية
الأولى . وعاد إلى الصحافة مرة ثانية فاشتغل في صحيفة "البلاغ" التي كان
يصدرها حزب الوفد ، وهو من أقوى الأحزاب السياسية في ذلك العهد .
في هذه الأثناء يشتهر العقاد كاتبا سياسيا
مرموقا ، يخوض المعارك السياسية على أعمدة الصحافة .
كان العقاد شاعرا بالطبع . فما إن إستكمل تكوينه
الأدبي حتى أخذ ينظم الشعر ؛ وقد نشر أول ديوان من دواوينه العشرة سنة 1916 م .
لقد ظهرت مخايل النبوغ على العقاد منذ عنفوان
شبابه فكان شديد الاعتداد بالنفس ، قوي الطموح نحو المجد العلمي ، صبورا على
الدرس مثابرا على المطالعة . فأصدر وهو لم يبلغ الثلاثين ؛ ديوانين من الشعر .
ومنذ العقد الثالث من عمره ، انكب على المطالعة
في الفكر الغربي ، وكان ضليعا في اللغة الإنجليزية ، فاطلع على معظم الأفكار
والمذاهب الأدبية والفنية والعلمية وأخذ ينقل ذلك إلى الأدب العربي في شكل مقالات
وخلاصات ودراسات نقدية .
وقد توج عمله الأدبي والثقافي بتعيينه عضوا في
المجمع اللغوي المصري الذي هو أعلى مجلس علمي في مصر يومئذ ، سنة 1938 م .
واستمر العقاد بعد ذلك مفكرا منتجا ، وأديبا
يكتب فيكل أبواب الأدب والفن والعلم والتاريخ والفلسفة . وعزف عن أسمى الوظائف
السياسية حبا في التفرغ في للعلم والأدب والإطلاع .
كانت عادة التفرغ للمطالعة والكتابة قد تمكنت من
حياة العقاد منذ شبابه ، فحبس نفسه في مكتبه ، وخلا إلى فكره وقلبه في مكتبه ،
فظهرت في أدبه ملكة التأمل والتعمق في الأفكار ، وانعكس ذلك في أسلوبه ، فأخذ تلك
الصبغة التي يلاحظها كل قارئ لأدبه ، وهو الأسلوب الرصين المتين ؛ والتفكير العميق
والإحاطة بالموضوع .
وتبلغ مؤلفات العقاد حوالي تسعين كتابا تتناول
مختلف الفنون الأدبية والفنية والعلمية ؛ فيها الشعر وفيها النقد الأدبي؛
وفيها التاريخ والسير؛ وفيها السياسة
والمذاهب الفكرية والفكر الإسلامي .
يضاف إلى هذا أنه كان يعقد في بيته كل يوم جمعة
ندوة ثقافية أوأدبية تجمع أصدقائه وأنصاره على مائدة النقاش والمذاكرة ؛ خلال
الثلاثين عاما الأخيرة من عمره .
ولم يزل كذلك إلى أن توفي سنة 1965 م .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق