اسباب الثورة الفرنسية ونتائجها

الثورة الفرنسية ونتائجها


الثورة الفرنسية ونتائجها

 مقدمة:

أدت التحولات الفكرية والإقتصادية والإجتماعية التي عاشتها المجتمع الفرنسي خلال القرن الثامن عشر وسيادة النظام الملكي القائم على اللامساواة والأزمة الإقتصاضية والمالية إلى إندلاع الثورة سنة 1789 م .
وقد مرت هذه الثورة بمرحلتين أساسيتين وحققت نتائج متنوعة على كافة المجالات ؛ ماهي الأسباب الكامنة وراء هذا التحول ؟ .
أسباب ومراحل الثورة الفرنسية:
الأسباب الإجتماعية:
تميز المجتمع الفرنسي في ظل الحكم المطلق للملك "لويس السادس عشر" باللامساواة على القانون ، ويتكون هذا المجتمع من ثلاثة هيئات أساسية هي:
 
هيأة النبلاء : تمثل ما بين 1% و 1.5% من مجموع السكان ، تستفيد من عدة إمتيازات كتولية المناصب العليا في الجيش والإعفاء من الضرائب .
هيأة رجال الدين:
تلعب الدور الروحي في المجتمع ، تستفيد أيضا من عدة إمتيازات كأداء ضرائب أقل وأخذ الأعشار من الفلاحين .
الهيأة الثالثة:
تمثل عامة الشعب تعاني من عدم مشاركة الأمور في السياسة وثقل الضرائب، وجدت في أفكار عصر الأنوار مرتكزة في تحليل واقعها ، خصوصا البورجوازية التي ترى ضرورة مشاركتها في السياسة لتأمين مصالحها والدفاع عنها .
إلى جانب الوضع الاجتماعي المتأزم ، يعرف المجال الاقتصادي أزمة خانقة تتمثل في: 
على المستوى الفلاحي : عدم إستقرار المحاصيل الزراعية يؤثر سلبا على الفلاحين .
على المستوى الصناعي: تأثرت بالأزمة الفلاحية واكتساح المنتوجات الإنجليزية للأسواق لمقتضى الاتفاقية الفرنسية 1786 .
على مستوى التجارة: تعاني التجارة الداخلية من التقسيم الإداري وفرض الرسوم الجمركية على البضائع وبالتالي ارتفاع الأسعار .
التجارة الخارجية تعاني من فقدان المستعمرات الأمريكية والهندية .
على المستوى المالي: تعاني ميزانية الدولة من العجز وعدم استقرار الميزانية لكثرة المصاريف وضعف المداخيل المتمثلة في الحرب سبع سنوات وحرب استقلال الولايات المتحدة الأمريكية ، يضاف إلى هذا ارتفاع القروض الداخلية والخارجية.
لمواجهة الأزمة قام "لويس السادس عشر" بعدة إصلاحات :
تعيين مراقبين للمالية كنيكر، كالون ، تورغو الذين اتخذوا عدة إصلاحات على كافة المجالات الاقتصادية والمالية وتمكن تلخيصها في لا إفلاس ولا زيادة في الضرائب ولا إقتراض .
إلغاء الإمتيازات الضريبية وتوحيدها .
رفع الحواجز الجمركية أمام التجارة الداخلية .
مشاركة أفراد الشعب في تقليد المناصب العليا .
أدت هذه الإجراأت بالإرستقراطية إلى رفضها والقيام بمضاهرات تعلن عبرها عن تشبتها بامتيازتها ، فاضطر الملك لويس 16 باستدعاء مجلس الهيئات العامة لوضع حد لهذه الصعوبات .
مراحل الثورة الفرنسية:
استدعا الملك لويس 16 مجلس الهيئات العامة ، وهي مؤسسة تأسست في العصر الوسيط وتتكون من ممثلي الأمة وكانت الهيئة الأولى والثانية تسعى إلى السيطرة عليه ، أما الهيئة الثالثة ترى أن التصويت يجب أن يتم بشكل فردي مع الهيئة الثالثة داخله ترى أن التصويت لازم مع الإجتماع سويا داخل غرفة واحدة مما أدى إلى إختلاف الهيئات وإعلان الهيئة الثالثة مع من إنضم إليها من الإكليروس والنبلاء عن تأسيس الجمعية الوطنية والتي رفض الملك الإعتراف بها .
نتج عن هذا الرفض عدة أحداث كانت باريس مسرحا لها وهي إستيلاء البورجوازية على الملكية ، تأسيس الحرس الملكي ثم الهجوم على مخازن الأسلحة وسجن الباستيل في 14 يوليو 1789 .
بعد هذا عمت الثورة كل التراب الفرنسي على يد الثوار ، وأمام قوة الثورة تخوفت البرجوازية من فقدان السيطرة على الأمور لصالح الشعب ، فأصدرت الجمعية العامة داش غشت القاضي بإلغاء النظام الفيودالي وتبني حقوق الإنسان 26 غشت والتي صادق عليها الملك تحت تأثير ضغط الشعب الفرنسي إلى جانب المصادقة على دستور 1771 الذي تأسست بمقتضاه الملكية الدستورية وأصبح فيها القانون فوق الملك ممثل السلطة التنفيذية ، أما السلطة التشريعية تمثلها جمعية منتخبة كما هو الحال السلطة القضائية .
كان هذا الدستور يهدف إلى حماية المصالح البرجوازية مما أدى إلى إنشقاق الجمعية الوطنية بين مناصري البرجوازية ومناهضيها بين الفئات الفقيرة الراغبة في تحقيق مصالح أغلبية المجتمع ، أما الملك فقد حاول الهروب والتأمر ضد الثورة مع الأنظمة التقليدية ، فرد الجيرونديون واليعاقبة ضد القوات المضادة للثورة فهددوا الملك وهاجموا قصر تويل ثم ألقوا القبض على الملك .
المرحلة الثانية : 1794 و1792 تميزت بإنشاء المؤتمر الوطني بدل الجمعية التشريعية في 20 شتنبر 1772 ويتكون من الجيرونديين والجبليين ، ألغا المؤتمر الوطني الملكية وأعلن الجمهورية بعد إعدام الملك 21 يناير 1793 مما أثار غضب البرجوازية والعناصر المؤيدة للملك والأنظمة التقليدية (النمسا، روسيا ، إنجلترا ) وبالتالي إعدام قادة وبهذا تمكن الجبليون من إزاحة الجيروند وأسسوا دستورا جديدا يعترف بحق التصويت لجميع المواطنين وحكومة ثورية بزعامة "روبسبيير" ، أنشئت الحكومة الثورية لجانا خاصة كلجنة السلامة العامة تراقب الوزراء ، لجنة الأمن العام محاربة أعداء الثورة ولجنة الحراسة والجيش الثوري .
على مستوى القضاء : أسست قانون المشتبه فيه مما أدى إلى بث الرعب في الشعب الفرنسي .
على المستوى الإقتصادي: ثم إصدار قانون الحد الأعلى على أسعار المواد الغذائية والحد الأعلى في الأجور .
إلا أن تصاعد عملية الإعدام وفق قانون المشتبه فيهم  وإنتصار الجيوش الفرنسية هلى القوات المتحالفة دفعت البرجوازية إلى تدبير إغتيال "روبسبيير" وباغتياله تنتهي المرحلة الثانية والمؤتمر الوطني بزعامة الجبليين .
المرحلة الثالثة: 1794ـ1799 تميزت بعودة البرجوازية إلى الحكم وأسست حكومة جديدة عرفت بحكومة الإدارة بمقتضى دستور 1775 وحافظت على النظام الجمهوري ، ووزعت السلطة بين مجلسين مجلس الخمس مائة ومجلس القدماء وخمس مديرين لتسيير الحكومة .
إلا أن تقسييم السلطة بهذا الشكل أدى إلى صراعات أضعفت حكومة الإدارة على الصعيد الداخلي والخارجي وهو يضاف إلى هذا ثورة كل من المناوين الشوعيين بزعامة بابوف وثورة الملكيين ؛ وعند فوز اليعاقبة والملكيين للإنتخابات لجأت البرجوازية إلى الجيش الذي نظم انقلابا بقيادة الجينرال "نابليون بونابرت" ضد حكومة الإدارة وتنتهي الحكومة الفرنسية .
النتائج السياسية:
قضت الثورة على الحكم على التفويض الإداري والنظام الفيودالي وتأسيس دولة عصرية قائمة على العقل وفصل السلط واحترام حقوق الإنسان والمساواة أمام القانون وحرية التعبير .
على مستوى الوحدة الفرنسية : ثم إلغاء إمتيازات الأقاليم والمدن وفرض اللغة الفرنسية كلغة رسمية .
الثورة الفرنسية لم تقتصر على تغيير الأحوال الداخلية وإنما أثرت في كل البلدان الأوربية الراغبة في التحرير وامتدت إلى غاية القرن التاسع عشر في ثورات 1830 و 1840 وفي أمريكا اللاتينية نفضل التوسعات النابلونية.
النتائج الإقتصادية والمالية:
في الميدان الإقتصادي: تمثلت النتائج في إلغاء النظام الفيودالي وتشجوع المبادرة الفردية كإعلان حرية الإنتاج والتبادل ، إلغاء الجمارك الداخلية ، تحرير الإقتصاد من سيطرة الدولة ، إلغاء نظام الطوائف المهنية إلا أن تعارض سياسة الذين تعاقدوا على الحكم أدى إلى تبني العملة 5 سينية .
على المستوى المالي: ثم إلغاء الضرائب الإقطاعية وتعويضها بأساس الثروة وأصبحت الميزانية تقترح من طرف الحكومة ويصادق عليها البرلمان .
النتائج الاجتماعية:
استفادت البورجوازية من مختلف التحولات الثورة على المستوى الاقتصادي حيث استولت على أغلب أراضي الطبقة الأرستقراطية بينما تضررت الفئات الاجتماعية فتحول معظم الفلاحين إلى عمال زراعين يعانون من استغلال الرأسمالية الزراعية ؛
على مستوى التعليم: أصبح من مهام الدولة عوض المؤسسات الدينية منذ إندلاع الثورة ، تبنى المؤتمر الوطني مبدأ إلزامية ومجانية التعليم لكل الأطفال ، حكومة الإدارة تخلت عن إجبارية ومجانية التعليم إلا بالنسبة للمحتاجين .
على مستوى التعليم العالي: تمت إعادة التعليم للمؤسسات الكبرى كالمدرسة المتعددة الفنون ومدرسة اللغات الشرقية وإنشاء مكتبات ومستودع الوثائق .
خاتمة:
استطاعت الثورة الفرنسية القضاء على النظام الفيودالي ودشنت مرحلة الرأسمالية المرتبطة بالبرجوازية والتي وجهت الثورة لصالح خدمة مصالحها الخاصة دون مراعاة مصالح الفئات الشعبية ؛

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

MODAKRATI تصميم بلوجرام © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.