الفخر أو الافتخار هو المدح نفسه إلا أن الشاعر
يخص به نفسه وقومه وكل ما حسن في المدح حسن في الافتخار والعكس صحيح فالفخر هو
التمدح بالخصال الحميدة أي أن يمدح الشاعر نفسه وأسلافه وقومه بالصفات الحميدة
كالنسب الشريف أو السيادة في القبيلة كالشجاعة والكرم .
والحماسة في الأصل تعني الشجاعة أما في الشعر
فتعني كل ما يرد فيه ذكر القتال والفخر والحماسة عامان في الشعر العربي قل أن يخلو
منهما شعر شاعر.
هَلْ غَادَرَ ٱلشُّعَرَاءُ مِنْ
مُتَرَدَّمٍ أَمْ هَلْ عَرَفْتَ ٱلدَّارَ
بَعْدَ تَوَهُّمٍ
يَا دَارَ عَبْلَةَ بِٱلْجِوَاءِ
تَكَلَّمِي وَعَمِي صَبَاحًا دَارَ
عَبْلَةَ وَٱسْلَمِي
أَثْنِي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فَإِنَّنِي سَهْلٌ مُخَالَقَتِي إِذَا لَمْ أُظْلَمِ
فَإِذَا ظُلِمْتُ فَإِنَّ ظُلْمِي بَاسِلٌ مُرٌّ مَدَاقَتُهُ كَطُعْمِ ٱلْعَلْقَمِ
هَلاَّ سَأَلْتِ ٱلْخَيْلَ يَا ٱبْنَةَ
مَالِكٍ إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ
تَعْلَمِي؟
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ ٱلْوَقِيعَةَ
أَنَّنِي أَغْشَى ٱلْوَغَى وَأَعِفُّ
عِنْدَ ٱلْمَغْنَمِ
وَمُدَجَّجٌ كَرِهَ ٱلْكُمَاةُ نِزَالَهُ لاَ مُمْعِنٌ هَرَبًا وَلاَ مُسْتَسْلِمٌ
جَادَتْ يَدَايَ لَهُ بِعَاجِلِ طَعْنَةٍ
بِمُثَقَّفٍ صَدْقِ ٱلْكُعُوبِ مُقَوَّمٍِ
فَتَرَكْتُهُ جَزَرَٱلسِّبَاعِ يَنُشْنَهُُ يَقْضُمْنَ حُسْنَ بَنَانِهِ وُٱلْمِعْصمِِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَٱلرِّمَاحُ
نَوَاهِلُ مِنِّي وَبِيضُ ٱلْهِنْدِ
تَقْطُرُ مِنْ دَمِي
فَوَدِدْتُ تَقْبِيلَ ٱلسُّيُوفِ
لِأَنَّهَا لَمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ ٱلْتَبَسِّمِ
لَمَّا رَأَيْتُ ٱلْقَوْمَ أََقْبَلَ
جَمْعُهُمْ يَتَدَامَرُونَ كَرَزْقٍ
غَيْرَ مُذَمَّمٍ
وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وَأَبْرَأَ
سُقْمَهَا قِيلُ ٱلْفَوَارِسِ وَيْكَ
عَنْتَرَ أَقْدِمِ
ترجمة الشاعر:
ولد عنترة العبسي في نجد نحو سنة 525 ، من أب
شريف ومن أمة ، فعاش كعبد يرعى إبل أبيه ، وأغارت جماعة من طي على عبس واستاقت
إبلهم ، فدعا شداد عنترة لمكافحة العدو، ووعده بالحرية ، فكر عنترة ونال الحرية
ببسالته ؛ ثم قاد الكتائب في غزوات متوالية على أعداء عبس وفي حرب داحس والغبراء وأحب
ابنة عمه عبلة فنفرت منه ، فقضى حياته يسترضيها ، ثم رتل نحو سنة 615 ، وقد دخلت
حياته الأسطورة وبنيت عليها "قصة عنترة" .
لعنترة ديوان شعر أشهر ما فيه المعلقة التي
نظمها في حرب السباق مفصلا فيه مفاخره .
القاموس اللغوي
متردم: ما تهرأ من الثوب ثم أصلح
التوهم: التخيل ، التخمين
الجواء : اسم مكان
الثناء : ذكر الخصال الحميدة
المخالقة: المعاشرة
باسل: مر ، كريه
العلقم: الحنظل ، نبات مر
شهد: حضر
أغشى : اقتحم
العفة : الترفع عن الصغائر
المغنم : ما يكتسب من المعركة
المدجج : التام السلاح
الكماة : جمع كمي الشجاع
النزال: المبارزة
الممعن: العنيد
المثقف : الرمح المستقيم
جزر السباع : فريسة السباع
ينشنه: يقضمنه ، يقطعنه بمقدمة الأسنان
البنان: رؤوس الأصابع
نواهل : شاربات
وددت: أحببت
الثعر: الفم
يتذامرون: يحث بعضهم البعض على القتال
كررت: هممت
مذمم: ملوم
السقم: المرض ، الهزال
الأفكار الأساسية:
يمكن تلخيص ما جاء في هذه القصيدة بالأفكار
الرئيسية التالية:
يطلب إلى ابنة عمه أن تشهد له بما عرف عنه من
سماحة في الأخلاق وجود وكرم وشجاعة وعفة عند المغنم وإذا كانت في شك وجهل من ذلك فلتسأل
الأبطال عن المعارك التي خاضها والكتائب التي قادها.
يصف موقعة من مواقعه والأعداء يهجمون على قومه
فيستنجدون به حتى إذا ما أقدم وخاض المعركة ونزل الأعداء ونال منهم كل منال شفى
نفسه من قومه الذين احتقروه لسواده ولنسبه .
تعليق:
يصف الشاعر مشاهد مختلفة عن المعركة فيرسم لها
الصورة الحية فالقوم يقبلون يحض بعضهم بعضا ومن حوله من الفرسان يسدون عليه الطريق
وفي أذنيه أصوات رفقائه تناديه أقدم عنترة.
لا يكتفي بوصف نفسه ووصف أبطال الأعداء بل
يعطينا مشهدا تصويريا يرسمه للمعركة يبلغ الذروة من الوصف الحي.
التشبيهات التي ساقها مستمدة من البيئة وهي
بدوية حسية مأخوذة من الواقع العلقم.
الأبيات صورة لبعض النواحي الاجتماعية للجزيرة
العربية إذ يستعمل أشراف العرب أرقاء لخدمتهم ورعي ماشيتهم وابن الأمة من العربي
يضل عبدا منسوبا لأمه .
مفردات النص سهلة قوية في آن واحد لأنه يفتخر
ويصف المعركة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق