أَلاَ أَيُّهَذَا ٱللاَّئِمِي أَشْهَدُ ٱلْوَغَى وَأَنْ أَحْضُر ٱللَّذَاتِ هَلْ أَنْتَ
مُخْلِدِي
فَإِنْ كُنْتَ لاَتَسْتَطِيعُ دَفْعَ
مَنِيَّتِي فَدَعْنِي أُبَادِرُهَا
بِمَا مَلَكَتْ يَدِي
لَعَمْرُكَ
إِنَّ ٱلْمَوْتَ مَا أَخْطَرَٱلْفَتَى
لَكَالطِّوَالِ ٱلْمُرْخَى وَتَنَايَاهُ بِٱلْيَدِ
مَتَى يَشَأْ يَوْمََا يَقُدْهُ إِلَى
حَتْفِهِ وَمَنْ يَكُنْ فِي
حَبْلِ ٱلْمَنِيَّةِ يَنْقَدِ
أَرَى قَبْرَ نَحَّامٍ بَخِيلٍ بِمَالِهِ
كَقَبْرِ غَوِيٍّ فِي ٱلْبِطَالَةِ
مُفْسِدٍ
أَرَى ٱلْمَوْتَ يَعْتَامُ ٱلْكِرَامَ
وَيَصْطَفِي عَقِيلَةَ مَالِ ٱلْفَاحِشِ ٱلْمُتَشَدِّدِ
أَرَى ٱلْعَيْشَ كَنْزًا نَاقِصًا كُلَّ
لَيْلَةٍ وَمَا تَنْقُصُ ٱلْأَيَّامُ
وَٱلدَّهْرُ يَنْفُذُ
وَظُلْمُ ذَوِي ٱلْقُرْبَى أَشَدُّ
مَضَاضَةً عَلَى ٱلنَّفْسِ مِنْ وَقْعِ ٱلحُسَامِ
ٱلْمُهَنَّدِ
سَتُبْدِي لَكَ ٱلْأَيَّام مَا كُنْتَ
جَاهِلاً وَسَيَأْتِيكَ بِٱلْأخْبَارِ
مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ
لَعَمْرُكَ مَا ٱلْأَيَّامُ إِلاَّ
مُعَارَةٌ فَمَا أَسْتَطَعْتَ
مِنْ مَعْرُوفِهَا فَتَزَوَّدِ
عَنِ ٱلْمَرْءِ لاَتَسْأَلْ وَأَبْصِرْ
قَرِينَهُ فَإِنَّ ٱلْقَرِينَ بِٱلْمُقَارَنِ
مُقْتَد
ٍترجمة الشاعر
ولد طرفة بالبحرين، ومات أبوه وهو طفل ، فكفله أعمامه
وأساءوا تربيته وهضموا حقوق أمه ، فاندفع الطفل نحو أهوائه يلهو ويسكر ويبذر .
فطرده قومه لذلك، فراح يضرب في البلاد حتى بلغ أطراف جزيرة العرب ، ثم عاد عن غيه
ورجع إلى قومه يرعى معبد أخيه لأبيه فسرقت الإبل لانصرافه للنظم ، فنصره سيدان من
قومه امتدحهما فاستطاع أن يرد الإبل ، ثم عاد إلى حياة اللهو .
بلغ في تجواله بلاط الحيرة فقربه عمرو بن هند،
إلا أن لسانه حال دون بقائه، فهجا صهره وهجا الملك، فأوقع الملك به ، قتل وهو دون
الثلاثين نحو سنة 569 م
.
مناسبة النص:
كان عبد قيس والد طرفة قد تزوج امرأتين ولم يكن
إخوة العبد راضين على هذا الزواج ، مات العبد باكرا فأرام إخوته أوصياء على طرفة
وأمه وجعلوا يقترون عليهما ويظلمونهما حقهما وقد قال طرفة قصيدته هذه يذكر فيه ظلم
أهله ويرد شيئا من أرائه في الحياة والموت والغنى والفقر .
الحكمة والخواطر:
الأدب ويسمى الحكمة أيضا ذكر أراء صائبة تصدق في
الواقع أو توافق المنطق أو توجز نتائج الاختبار الطويل في ألفاظ يسيرة وقل أن نجد
شاعرا أو كاتبا لم يرد شيء من الحكمة في إنتاجه الأدبي .
والحكمة في النتاج الأدبي عادة خواطر أقوالها
متفرقة تخطر للأديب في ثنايا شعره ونثره وتتعلق بالحياة والموت وبالفقر والغنى
وبالخيبة والنجاح وبالكشف عن حقائق الحياة الاجتماعية والزهد والوعظ والأمثال على
لسان الحيوان تدخل كلها في باب الحكمة .
القاموس اللغوي:
اللائم :من اللوم أي العتاب
الوغى : ساحة المعركة
اللذات : ملذات الحياة
مخلدي : دائم الخلود والبقاء
دعني :اتركني
أبادرها : أواجهها
الطول : الحبل الطويل التي يربط به الدابة لكي
ترعى
يقده: يوجهه ، يمضي به
الحتف: النهاية ، الموت
النحام: البخيل
الغوي: اللامبالي ، الضال
يعتام: يختار ، يصطفي
ينفد: ينتهي
مضاضة: حرقة الالم والمعاناة
الوقع: شدة الوطأة والصدمة
لم تزود: المقصود هنا التجارب التي يستسقيها
الإنسان من الحياة
الاعارة: السلف
من معروفها: من إيجابياتها
القرين: النظير، الشبه، الند
اقتدى به : اتخده عبرة
الحسام : السيف
ثناياه: طرفاه
يقده: يوجهه ، يمضي به
الحتف:النهاية ، الموت
النحام: البخيل
الغوي:اللامبالي ، الضال
يعتام: يختار ، يصطفي
ينفد: ينتهي
مضاضة: حرقة الألم والمعاناة
الوقع: شدة الوطأة والصدمة
لم تزود:المقصود هنا التجارب التي يستسقيها
الإنسان من الحياة
الإعارة: السلف
من معروفها: من إيجابياتها
القرين:النظير، الشبه، الند
اقتدى به : اتخذه عبرة
الحسام : السيف
ثناياه: طرفاه
الأفكار الأساسية:
رد الشاعر على من يلومه على أسلوب ونهجه في
الحياة .
الموت أمر محتم على الإنسان فهو حاضر في كل مكان
وزمان.
لا مجال للافتخار ما دام الموت لا يفرق بين
الغني والفريق ولا الكريم والبخيل .
شكوى الشاعر من ظلم أقربائه وتشبيهه بوقع السيف
.
اعتبار الشاعر الإنسان على وجه البسيطة بمثابة
عابر السبيل .
تحليل النص:
معلقة طرفة كثيرة الأغراض غير أن المطلوب منها
تلك الأبيات المتعلقة بآراء طرفة في أوجه الحياة المختلفة .
يرد الشاعر على المنتقدين بأن الموت والحياة
مقدران على الإنسان فذهابه إلى الحروب واندفاعه في سبيل الملذات لا يقصران حياته
ثم أنه يتحدى هؤلاء قائلا : إذا ضمنتم لي أن أخلد في الحياة بترك الذهاب إلى
الحرب أو بترك الخمر فإني على استعداد على ذلك ثم ينتقل طرفة إلى الموازنة بين حال
الفقير وحال الغني فيرى أن الحياة فرصة سانحة فإذا لم يستفد الإنسان من ماله وهو
حي فإنه لن يستفيد منه شيء بعد الموت من أجل ذلك يرى قبر الغني البخيل وقبر المفسد
الفقير متشابهين كلاهما كومة من تراب لا تدلان على هوية صاحبيها وهنا ينطق طرفة
بالحكمة الشخصية التي تكشف عن مرارة في نفس قائلها.
خصائص النص
في شعر طرفة معان كثيرة مختلفة متلاحقة ومع ذلك
فإن في هذه القطعة صور بلاغية ذريعة،، الموت كالطوال المرخى وثناياه باليد ؛
يشبه طرفه الإنسان بالحيوان الأليف ويشبه الموت
بمالك ذلك الحيوان فقد ربط الدابة بطرف حبل طويل ثم امسك هو بالطرف الآخر وأرخى
لذلك الحيوان الحبل حتى يرعى كما يشاء في دائرة واسعة غير أنه يستطيع أن يجذب
الحبل متى شاء كذلك الموت فإنه يتغافل عنا مدة قصيرة أو طويلة ثم يجذبنا إليه متى
شاء فالتشبيه هنا منتزع من صورة عامة دعني أبادرها بما ملكت يدي ؛
يشبه الشاعر المنية (الموت) بخصم في ميدان
القتال ويحذف المشبه به ويرمز إليه بشيء من لوازمه ؛
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق