اسطورة بروميتوس

اسطورة بروميتوس

بروميثيوس أحد الجبابرة في الميثولوجيا الإغريقية، وجد البشر الأوائل أنفسهم على هذه الأرض محاطين بكم كبير من الظواهر الطبيعية الغامضة والمخيفة في كثير من الأحيان ، ونظرا لعجزهم عن فهم أو تفسير الكثير من هذه الظواهر قاموا بنسبة كل ما جهلوه إلى القوى فوق الطبيعية، أو الآلهة ... فاعتبر اليونانيون القدماء صوت الرعد مثلا " عراكا بين الآلهة " ... وفسروا طلوع الشمس كل يوم وغروبها بأنها تجر من قبل آلهة كل يوم ... وهكذا كان كان حال كل البشر.

ونظرا لعنف الطبيعة وعشوائيتها ضدهم ، فقد ولد هذا نوعا من الحدة أو العداء والخوف من تلك الآلهة التي ترسل الموت والمصائب كثيرا ، وترسل أحيانا الخير والبركة ، فسعوا إلى إرضاء تلك الآلهة المتجبرة بشتى الوسائل من العبادة والقرابين.
تجسد قصة بروميثيوس Prometheus من الميثولوجيا اليونانية هذه العلاقة بين البشر وآلهتهم أفضل تمثيل.

كان بروميثيوس واحد من حكماء التايتن. كان أسمه يعنى بعيد النظر وقد كان يملك المقدره على التنبؤ بالمستقبل .هو ابن لابيتس وكليمينه ، وأخو أطلس . عندما قامت الحرب بين كرونوس والتايتن من جهه وزيوس وأخوته من جهه أخرى ، انضم بروميثيوس إلى جبهة زيوس ، ولذلك عندما أرسل زيوس المنتصر التايتن إلى تارتاروس لعقابهم ، عفى عن بروميثيوس والتايتن الموالون له وجعل زيوس من بروميثيوس مستشاراً له لبعد نظره وحكمته .

تعد قصة بروميثيوس واحدة من أهم القصص في الميثولوجيا الغربية إن لم تكن أهمها على الإطلاق ، وهذه القصة ترمز لمضامين ودلالات هائلة في الفكر و التاريخ الغربي.
اعتقد اليونانيون قديما بوجود عائلتين من الآلهة هما عائلة الآلهة الأوليمبية التي كان كبيرها هو زيوس ، والعائلة التي كانت قبلها وهي عائلة الجبابرة Titans.
كان التيتان جميعا محكومين من قبل زيوس وعائلته بعد حرب انتصر فيها زيوس وأقاربه على التيتان.
كلف زيوس اثنين من التيتان هما بروميثيوس و أخوه ابيمثيوس Prometheus and Epimetheus بخلق البشر وتزويدهم وجميع حيوانات الأرض بمتطلبات الحياة التي تمكنهم من البقاء.

وقام ابيميثيوس بناءعلى هذا بتزويد الحيوانات بالقوة والشجاعة والسرعة والتحمل ، وزودها بالريش والفرو والصوف وغيرها من وسائل الحماية.

ولكن عندما وصل إلى خلق الإنسان تنبه إلى أنه و بسبب تهوره قد استنفد جميع موارده ولم يعد لديه ما يمكن أن يقدمه ... ومن هنا جاء اسمه الذي يعني : "الفكرة التالية". فاضطر ابيميثيوس إلى طلب المساعدة من أخيه برميثيوس "الفكرة المقدمة" الذي أخذ على عاتقه خلق الإنسان.


أشفق بروميثيوس على البشر ولجأ إلى زيوس طالباً مساعدته فقد هام بروميثوس حباً بالبشر أكثر مما توقع زيوس الذي لم يشاركه في حبه للبشر ، بل كان يريدهم أن يكونوا ضعفاء خائفين حتى لا يمتلكوا القوة التى تمكنهم من تحديه في أحد الأيام .كان زيوس يرى أن المعرفة والمهارات والمواهب لن تجلب الا الشقاء للبشر الفانين ، ولكن بروميثيوس كان له رأى أخر وفضل البشر على ملكه المجنون بالسلطه والعظمه ، أعطى بروميثيوس البشر العديد من العطايا والهبات التى سرقها من آلهة الأوليمب هيفاستوس وأثينا وغيرهم فأعطاهم فنون العمارة والبناء ، النجارة ، أستخراج المعادن ، علم الفلك ، تحديد الفصول ، الأرقام والحروف الهجائيه ، كما علمهم كيفية أستئناس حيوانات ابيمثيوس وركوبها والأبحار بالسفن ، كما أعطاهم موهبة التداوى والشفاء. والذي حصل أن بروميثيوس قد بالغ جدا في الإنعام على الإنسان وتكريمه ، فأعطاه القدرة على المشي منتصبا على رجلين كالآلهة.وهو ما لم يحصل عليه حيوان آخر من قبل.

ثم قام بروميثيوس بعمل في منتهى الجرأة ، حيث قام بسرقة النار ، التي تعني النور والمعرفة والدفء ، قام بسرقتها من الآلهة وإعطائها للبشر .مما زاد في سخط زيوس عليه أكثر.

وأخيرا قام بروميثيوس بخداع زيوس ، حيث أحضر ثورا وذبحه ، ووضع لحمه وجميع ما يؤكل منه في كومة غطاها بالأحشاء والأحشاء ...
ووضع العظام في كومة أخرى وغطاها بالدهن.
ثم خير بروميثيوس زيوس بين الكومتين ، فاختار زيوس الثانية ، و اشتد سخطه حينما علم أن كومته تحوي العظم.
ومن يومها صارت سنة أن القرابين للآلهة تحوي العظم والدهن ، بينما اللحم هو للبشر ليأكلوه.
وجزاء لبروميثيوس وتجاوزاته ، عاقبه زيوس بأن قيده بالسلاسل إلى صخرة كبيرة في القوقاز ... وسلط عليه نسرا جارحا ينهش كبده كل يوم ... ثم ينمو الكبد مجددا في الليل إلى ان أتى هيراكليس وخلصه.


بالمستقبل:

كان بروميثيوس يتلقى عقابه متماسكاً سعيداً لأن البشر يعيشون حياه سعيده ، ولكونه بعيد النظر وقادر على التنبؤ ، فقد كان يعلم أنه سيأتى أحد الأبطال من أبناء الآلهة ويخلصه من عذابه . وكان يرى أيضاً أنه سيأتى من نسل زيوس من يقتله ويتولى الحكم من بعده ، لتكون نهاية زيوس المتجبر. 
عرض زيوس على بروميثيوس حريته مقابل أخباره بالنبوءةه التى تتعلق بأقصاءه عن العرش ، ولكن بروميثيوس رفض ذلك .لم يخفف هذا العقاب من غضب زيوس ، بل قرر عقاب البشر جميعاً . قرر أعطاء البشر هبه أخرى من شأنها تغيير كل الخير الذي جلبته هبات بروميثيوس الأخرى .كانت هذه الهبه هى المرأة .أمر زيوس هيفاستوس أن يشكل مرأه جميله من نيران مرجلهاعطاها هيفاستوس جسدها النارى وصوتها أعتطها أثينا قوة التحمل والقدرة على الأبداع أعتطها أفروديت ألهة الحب سحراً جذاباً حول رأسها وأعطاها هيرميس عقل صغير والسطحيه في التفكير . ثم سميت هذه المخلوقه الحسناء باندورا (التى منحت كل شئ) .أرسل زيوس باندورا إلى ابيمثيوس شقيق بروميثيوس حامله صندوق مغلق مكتوب عليه " لا تفتحه " .

 كان ابيميثيوس حكيماً ولم يكن ليقبل هديه من الأوليمب وخاصه من زيوس ، ولكن ما أن رأى باندورا حتى خلبت لبه وأصبح عاجزاً أمامها ، لم يملك القدرة على مقاومة سحرها وتقبلها طائعاً راضياً وتزوجها .لكن ابيمثيوس رفض أن يفتح صندوق باندورا ، لكن زوجته الحسناء أخذت تلح عليه أن يفعل من يدرى أية كنوز تختفى داخله .

لقد صارت حياة باندورا جحيماً وهى تجلس طوال الليل إلى جانب الصندوق تتخيل ما فيه . كانت هناك أصوات تناديها من داخله وتعدها بالسعاده المطلقه .كان الفضول يقتلها ، وفي النهاية انتهزت باندورا فرصة غياب زوجها وفتحت الصندوق . وفجأه أظلم العالم وخرجت أرواح شريره (الفقر ، النفاق ، المرض والجوع) من الصندوق ، راحت المسكينه تدور حول نفسها في ذعر محاوله اغلاق الصندوق فلم تستطع .

في النهاية أغلقته ولكن بعد فوات الأوان ، لقد ملأت الشرور العالم وتحولت جنة الأرض إلى جحيم البشر ، ولم يبق من الأرواح حبيساً في الصندوق الا انتزاع الأمل . ولذلك بقى الأمل في قلوب البشر ليخفف عنهم الشرور والأثام التى تحيط بهم .بينما بروميثيوس معلقاً من قيوده على صخور جبل القوقاز ، بعد ثلاثة عشر جيلاً ، أتى البطل هرقل ابن زيوس متسلقاً الجبل ، ويقتل النسر ويحرر بروميثيوس من قيوده .

 سأل هرقل بروميثيوس عن وسيلة أسترداد حريته ، قال بروميثيوس أنه يجب أن يحل محله خالد آخر في تارتاروس ، بمعنى أخر يجب على أحد الخالدين أن يتنازل عن خلوده ويموت .

كان شيرون القنطور الحكيم ابن كرونوس (أخ غير شقيق لزيوس) لذلك كان خالداً ، ولكنه كان مصاب بجرح لا شفاء منه لدرجة أنه تمنى الموت .و عندما عرض عليه هرقل الأمر وافق أن يحل محل بروميثيوس ويتنازل عن خلوده خلاصاً من عذابه الأبدى ، ورداً لذلك الفعل النبيل أصبح شيرون من أبراج السماء (برج القوس) .

انزعج زيوس لرؤية بروميثيوس يفلت من عقاب تلو الأخر ، فقرر أغراق البشر جميعاً وأهلاكهم بطوفان كبير .تنبأ بروميثيوس الحكيم بالطوفان وحذر أحد البشر الطاهرين وهو ديكاليون وزوجته بيرها أبنة أخيه ابيمثيوس وباندورا .

بعد انتهاء الطوفان ونجاة ديكاليون وبيرها زوجته على جبل برناسوس أحسا بالوحشه والوحدة ذهبا إلى العرافه ثيميس ، وبناء على مشورتها قام ديكاليون وبيرها بألقاء الحجاره وراء ظهورهم .من الحجاره التى رماها ديكاليون تولد الرجال ومن الحجاره التى رمتها فيريا تولدت النساء .انجب ديكاليون وبيرها ولداً اسمياه هيلين والذي نسب اليه اليونانيين (الهيلانيين) .

و في النهاية رضى زيوس أن يمنح بروميثيوس حريته ولكنه أراد أن يحمل بروميثيوس دائماً ذكرى عقابه ، فأمره بصنع خاتم حديدى من السلاسل التى كان مقيداً بها . ومن ذلك اليوم والبشر يصنعون الخواتم أحتفالاً ببروميثيوس وتقديره لصنيعه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

MODAKRATI تصميم بلوجرام © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.