وتعتبر الترجمة فنا مستقلا بذاته حيث أنه يعتمد على الإبداع والحس اللغوي والقدرة على تقريب الثقافات وهو يمكن جميع البشرية من التواصل والاستفادة من خبرات بعضهم البعض. فهي فن قديم قدم الأدب المكتوب. فقد تم ترجمة أجزاء من ملحمة جلجامش السومرية، من بين أقدم الأعمال الأدبية المعروفة، إلى عدة لغات آسيوية منذ الألفية الثانية قبل الميلاد.
احتك العرب منذ جاهليتهم بالشعوب الثلاثة المحيطة بهم، وهي الروم في الشمال والفرس في الشرق والأحباش في الجنوب، ومن الصعب قيام مثل هذه الصلات الأدبية والاقتصادية دون وجود ترجمة وإن كانت في مراحلها البدائية.
وفي زمن الدولة الأموية تمت ترجمة الدواوين، واهتم بحركة الترجمة الأمير خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
وقد عرف العرب قيمة الترجمة حيث منذ عهد الأمويين وخصوصا خلال فترة العباسيين كانت الترجمة مزدهرة بشكل كبير حيث ترجم العرب معظم التراث التقافي اليوناني والهندي والفارسي الشيء الذي أدى إلى إنشاء بيت الحكمة من طرف الخليفة العباسي المأمون،وكان هذا البيت عبارة عن مكتبة تتواجد بها مختلف الوثائق والكتب المترجمة وأصبح هذا المكان قطبا للفكروالمعرفة.
وبلغت حركة الترجمة مرحلة متطورة في عصر الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون، الذي يروى أنه كان يمنح بعض المترجمين مثل حنين بن إسحق ما يساوي وزن كتبه إلى العربية ذهبا، ومن المعروف أن المأمون أسس دار الحكمة في بغداد بهدف تنشيط عمل الترجمة، ومن المعروف أن حنين بن إسحق ترجم وألف الكثير من الكتب وفي علوم متعددة، وتابع ابنه إسحق بن حنين بن إسحق هذا العمل.
وخلال العصور الوسطى،إنتقل العلم إلى الغرب بفضل الترجمة إلى اللغة اللاتينية ،فاستفاد الغرب من أعمال العرب وقطع أشواطا كبيرة في مجال البحث والمعرفة رافقتها تطورات في جميع المجالات خصوصا المجال العلمي (رياضيات،فلسفة،طب،كيمياء...)،وساعد هذا التطور على التقدم والرقي في جميع مجالات الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق