الشعر الحر

إن الشعر تعبير فني، وله خصوصيته التي تميزه عن بقية الأنواع الأدبية. والسلف يصنفون الشعر في الآداب فحسب، ويشعرون في لفتاتهم النقدية بأنه فن جميل، ويتسع مدى معرفتهم بعلاقته بأحد فروع الفنون الجميلة، وهو فرع الموسيقى .
 لم تقف حركة التطور الموسيقية للقصيدة العربية عند حدود التحرر الجزئي من قيود القافية ، بل تخطتها إلى أبعد من ذلك ، فقد ظهرت محاولة جديدة وجادة في ميدان التجديد الموسيقى للشعر العربي عرفت : " بالشعر الحر " .
وكانت هذه المحاولة أكثر نجاحا من سابقتها كمحاولة الشعر المرسل ، أو نظام المقطوعات ، وقد تجاوزت حدود الإقليمية لتصبح نقلة فنية وحضارية عامة في الشعر العربي ، ولم يمض سنوات قلائل حتى شكل هذا اللون الجديد من الشعر مدرسة شعرية جديدة حطمت كل القيود المفروضة على القصيدة العربية ، وانتقلت بها من حالة الجمود والرتابة إلى حال أكثر حيوية وأرحب انطلاقا .

 الشعر الحرنتاج إتصال حضاري بين الشرق والغرب وقد أدى ماشهدته المرحلة من إحباطات سياسية وصراعات إجتماعية إلى تدمير القصيدة التقليدية وجعل الحديثة كل مرتبط في حين أصبحت الوحدة الموضوعية التي يبحث عنها الشاعر هي القصيدة لا البيت وأصبح يبحث عن المقارب بين عالم القصيدة وعالم الواقع الإجتماعي الذي ينطلق منه الشاعر.
 الشعر الحريعني ألا يتبع الشاعر القواعد التقليدية لكتابة الشعر، فلا يتقيد الشاعر ببحر واحد أو قافية واحدة أو إيقاع واحد.
تميزت قصيدة الشعر الحر بخصائص أسلوبية متعددة، فقد اعتمدت على الوحدة العضوية، فلم يعد البيت هو الوحدة وإنما صارت القصيدة تشكل كلاماً متماسكاً، وتزاوج الشكل والمضمون، فالبحر والقافية والتفعيلة والصياغة وضعت كلها في خدمة الموضوع وصار الشاعر يعتمد على "التفعيلة " وعلى الموسيقى الداخلية المناسبة بين الألفاظ".
 بدأ الشاعر يكتب على نهج جديد باستخدامه أعدادًا غير منتظمة من المقاطع في البيت الواحد وقافية غير موحدة وأوزانًا متداخلة ونهايات غريبة الإيقاع في الأبيات.
من مميزاته :
1. أنه موزون: فلو لم يكن موزونا لما جازت تسميته شعرا.
2. يعتمد التفعيلة وحدة للوزن الموسيقي، ولكنه لا يتقيد بعدد ثابت من التفعيلات في أبيات القصيدة.
3. أنه يقبل التدوير: بمعنى أنه قد يأتي جزء من التفعيلة في آخر البيت، ويأتي جزء منها في بداية البيت التالي.
4. عدم الالتزام بالقافية: إذ تتعدد فيه حروف الروى مما يفقده الجرس الموسيقي العذب.
5. استعمال الصور الشعرية التي تعمق التأثير بالفكرة التي يطرحها الشاعر.
6. اللجوء إلى الرمزية التي يموه بها الشاعر على مشاعره الخاصة أو ميوله السياسية.

لم يقف الشاعر عند حد الوزن والصورة ليحدث فيه الخلخلة بل تجاوزها إلى التعبير عن نفسه فحطم العبارة التقليدية وأصبح همه الوحيد هو أن يوصل الفكرة إلى المتلقي عبر أيسر الطرق وأقربها مما أدى إلى الإيجاز في التعبير،فالشاعر لم يعد يهتم باحترام الصياغة التقليدية للجملة العربية ولا بالفصحى العربية بحيث أصبحت اللفظة العامية شاعرية إذا أدت المعنى.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

MODAKRATI تصميم بلوجرام © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.