حكاية جميلة لجحا وابنه ومرضه العجيب

جحا وابنه ومرضه العجيب


جحا هي شخصية فكاهية انتشرت في كثير من الثقافات القديمة ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة.

وفي الأدب العربي، نسب جحا إلى أبو الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية. وهو أقدم شخصيات جحا والنكات العربية تنسب له. وفي الأدب التركي، نسبت قصص جحا إلى الشيخ نصر الدين خوجه الرومي الذي عاش في قونية معاصرا الحكم المغولي لبلاد الأناضول ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له.


واختلف الرواة والمؤرخون في شخصية جحا. فصوّره البعض كمجنون أو أبله. وقال البعض الآخر إنه رجل بكامل عقله ووعيه وإنه يتحامق ويدّعي الغفلة ليستطيع عرض آرائه النقدية والسخرية من الحكام بحرية تامة. لكن جميع الروايات أجمعت على أن له حمار يشاركه قصصه. وقي أشد حالات البلاهة، تجد عنده حب وتقدير للفكاهة.

قصة جحا وابنه 
كان لجحا ابن صغير، ورغم كثرة أبنائه، فقد كان ذلك الابن أحبهم إليه وأكثرهم ملازمة له؛ يرافقه أنا حل وارتحل؛  وفي ذلك الصباح راح الابن الصغير صحبة إخوته إلى الحقل، وعندما عاد الابن كان وكأنه أصابه مس من الجنون. فلقد كان الابن صامتا لا يتكلم ولا ينطق، وفي عينيه فزع وخوف، وفي جسمه ألم ومغص. وحاول جحا فهم حالة ابنه، وسأل إخوته عما حل به، ولكنه لم يتوصل إلى جواب. وظل الابن صامتا إلى نهار الغد.
أفاق جحا في فجر الغد، وجمع زاده، وراح يبحث عن علاج لداء ابنه.
ولما بلغ الغابة الصغيرة وجد رجلا يحمل جرابا، فسأل الرجل جحا: "إلى أين أنت ذاهب يا جحا؟ قال جحا: "هذا ابني ذهب سليما معافيا، وعاد مذعورا خائفا، وصامتا أخرسا؛ وإني ذاهب لأبحث عن دواء لدائه قال الرجل ذو الجراب:"عندي دواء ابنك يا جحا" ؛ فجذب الرجل أدوات من جرابه، وبدأ يفحص جسم الولد، وقال :إن إبنك مريض في معدته، فأعطه طعاما، يعالج إن شاء الله، من مرضه" .
ضحك جحا من نصيحة الرجل وقال، وهو يواصل سيره:"وهل سأطعمه لأنزع عنه الفزع والخوف" .
ولما وصل إلى سفح الجبل وجد رجلا جالسا على حافة النهر؛ سأل الرجل جحا: "إلى أين أنت ذاهب يا جحا؟ قال جحا: "هذا ابني ذهب سليما معافيا، وعاد مذعورا خائفا،وصامتا أخرسا، وإني ذاهب لأبحث عن دواء لدائه".
 قال الرجل الجالس: "عندي دواء ابنك يا جحا" .
ففحص الرجل الابن بعينين ثاقبتين وقال:"إن ابنك مريض في نفسه فقد رأى شيئا فأصابه الخوف والمس والفزع والوسواس".
ضحك جحا من كلام الرجل وقال وهو يواصل سيره "والألم في جسمه أهو كذلك جنون مصارينه؟" .
ولما وصل إلى وسط الجبل وجد رجلا يرعى معزا، سأل الرجل جحا قائلا:"إلى أين أنت ذاهب يا جحا؟
 قال جحا: "هذا ابني ذهب سليما معافيا، وعاد مذعورا خائفا،وصامتا أخرسا، وإني ذاهب لأبحث عن دواء لدائه"؛ قال الرجل صاحب المعز: "عندي دواء ابنك يا جحا" . ففحص الرجل الابن وقال:"إن ابنك صامت لأن ما يحيط به لا يعجبه، فغير مكانه يتغير حاله" .
ضحك جحا من كلام الرجل وقال وهو يواصل سيره:"وهل هناك مكان أفضل له من أهله وأحبابه؟".
واصل جحا سيره إلى أعلى الجبل، وهو يائس من حالة ابنه؛ فلما بلغ قمة الجبل وجد شيخا ينظر إلى الأفق البعيد، سأل جحا قائلا:"أتعرف يا شيخ دواء لابني" قال الشيخ،،"نعم عندي دواء ابنك، لقد تركه إخوته وحيدا في الغابة، كنت أنظر إليهم من أعلى الجبل، فلما تأخروا عنه وأصابه الجوع ذهل وخاف ؛ فإذا شئت علاج ابنك فأطعمه في معدته وأزل الخوف عنه، وأبعده عن إخوته".

عندما أنهى الشيخ كلامه فهم جحا سر حالة ابنه، فهي لم تكن في جسمه أو في نفسه أو ما يحيط به، وإنما في هذا كله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

MODAKRATI تصميم بلوجرام © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.