غزوة الخندق

 



غزوة الأحزاب ( الخندق )

تعتبر غزوة الخندق من أشهر الغزوات والمعارك الإسلامية على الإطلاق، والتي حدثت في السنة الخامسة للهجرة بعدما فرغ المسلمون من يهود بني النضير وأجلوهم عن ديارهم بسبب نكثهم لعهودهم مع المسلمين، فأضمرت يهود بعد ذلك في أنفسها نية الانتقام من المسلمين فحرضت قبائل العرب على تشكيل جيش موحد لحصار المسلمين، حيث كانت غزوة الخندق التي انجلى غبارها عن نصر المسلمين.


 


دروس مستفادة من غزوة الأحزاب 

لله جنود قد يراهم المسلمون وقد لا يروهم، يؤيدون معسكر المسلمين في قتالهم ضد أعدائهم، فأرسل الله يوم بدر الملائكة لتقاتل مع المسلمين، وفي الأحزاب أرسل الله تعالى جنوداً منها الريح التي أتت على معسكر جيوش الأحزاب، فاقتلعت خيامهم، وكفأت أوانيهم وقدورهم، ودبت الرعب في قلوبهم، فارتحلوا هاربين لا يلوون على شيء، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) [الأحزاب: 9].

المحن والشدائد تكشف معادن الرجال، وتظهر صدق إيمانهم، وتميز الخبيث من الطيب، فأبانت غزوة الخندق بشكل كبير عن نفوس الناس، فكانوا فيها فريقين، فريق مؤمن صابر محتسب صدق عهده مع الله، وأدرك يقيناً عندما رأى جموع الأحزاب أنّها موعود الله وأمره، فسلم لذلك وازداد إيمانه ويقينه، وفريق آخر هو فريق المنافقين الذي بدأ بإظهار نواياه الخبيثة، فمنهم من لمز في كلام النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان يبشر المسلمين ويعدهم بفتح فارس، والحصول على كنوز كسرى، وآخرون بدأوا في التفكير في الهروب من المعركة بحجج واهية، وذرائع فاسدة كالذين استأذنوا في مغادرة الجيش بحجة أنّ بيوتهم عورة وما يريدون إلا فراراً.

■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■■

يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : إنا يوم الخندق كنا نحفر إذ عرضت لنا صخرة شديدة فجاءوا إلى النبي صلى  الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله: هذه صخرة عرضت في الخندق فقال: أنا نازل، ثم قـام وبطـنُه ﷺمعصوب بحجر من شِـدة الجـوع، وقد لبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقاً فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المعول، فضرب الصخرة فعادت كثيباً مهيلاً.


فقلت: يا رسول الله ائذن لي إلى البيت، فأذن لي فذهبت فقلت لامرأتي: رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم جـوعاً شديداً، فهل عندك شيء، قالت عندي شعير وعنز صغيرة فذبحت العنز وطحنت الشعير. وجعلنا اللحم في البرمة، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم والعجين قد اختمر والبرمة كادت أن تنضج على النيران، فساررته صلى الله عليه وسلم أي كلمته سراً.


فقلت يا رسول الله: ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعاً من شعير. فقم أنت يا رسول الله ورجل أو رجلان وكنت أريد أن ينصرف معي وحده أي لقلة الطعام ولكنني لما أخبرته بما أعددنا منه قال: طعامك كثير طيب. ثم قال: قل لامرأتك لا تنزع البرمة ولا الخبز من التنور حتى آتي ونادى صلى الله عليه وسلم يا أهل الخندق، إن جابر صنع طعاماً فهيا أسرعوا، فقام المهاجرون وقام الأنصار فلما دخل جابر على امرأته قال: ويحك جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالمهاجرين والأنصار ومن معهم.


فقالت هل كان سألك كم طعامك فقلت نعم: فقالت الله ورسوله أعلم، نحن أخبرناه بما عندنا ودل ذلك على وفور عقلها وكمال فضلها رضي الله عنها. واسمها سهيلة بنت معوذ الأنصارية. وجاء النبي صلى الله عليه وسلم يقدم الناس فأخرجت المرأة له عجيناً، فنفث فيه وبارك أي دعا بالبركة ثم قال لجابر ادع خابزة فلتخبز مع زوجتك ثم قال لها اغرقي من برمتكم ولا تنزلوها وكان القوم الذين جاءوا معه ألفاً. فأقعدهم عشرة عشرة يأكلون. فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه. ومالوا عن الطعام. وإن برمتنا لتغلي وتفور كما هي. وإن عجيننا ليخبز كما هو.

«نصيحة لوجه الله»« إذا وقعت عيناک على هذه الآية الكريمة إياگ أن تمر دون أن تقوم بواجبک :إنَّ الله وَ مَلاَئِكَتَهُ يُصَلَّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلَّوا عَلَيْهِ وَسَلَّمُوا تَسٍلِمًا »

اللَّـﮬـُمَّ صـَلِِّ وَسَلِّـمْ وَبَارِكْ على سَيِّدِنَـا مُحَمـَّد وَ عَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً . 

______________

كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير فى "غزوة الخندق"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

MODAKRATI تصميم بلوجرام © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.