الإتحاد قوة والتفرق ضعف

الإتحاد قوة

إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية:

إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، فالإتحاد قوة والتفرق ضعف، وقد ورد في ذلك أنه عندما أشرف المهلب بن أبي صفرة على الموت، دعا أبناءه السبعة وأمرهم بإحضار رماحهم معهم فحضروا تصحبهم الرماح فإذا به يجمعها في حزمة واحدة ويطلب من كل واحد أن يحاول كسرها فلم يستطيعوا جميعا، فأمر المهلب أبناءه أن يأخذ كل واحد منهم رمحه فيحاول كسره فإذا بهم جميعا يكسرون رماحهم التي صارت سهلة الكسر بعد أن تفرقت، قال المهلب اعلموا يا أبنائي أنكم مثل هذه الرماح، لا يَناَ لَنَّ منكم أعداؤكم شيئا ما دمتم مجتمعين مؤتلفين، فإذا تفرقتم والعياذ بالله سهل على الناس التغلب عليكم، وحَقَّ النساء أن يسخرن منكم.

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذنب من الغنم القاصية رواه أبو داود بإسناد حسن


الشَّرْحُ


قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل الجماعة فيما نقله عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من ثلاثة في قرية ولا بدو يعني ولا بادية لا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان يعني معنى ذلك أنه إذا كان ثلاثة في قرية أو في بادية لا تقام فيهم الجماعة ولا الجمعة إلا استحوذ عليهم الشيطان فدل ذلك على أنه لا يجوز ترك الجماعة ولكن هذا الحديث يفيد أنه لا يجوز إذا كانوا ثلاثة فأكثر لكن هناك أحاديث أخرى تدل على أن الجماعة تجب إذا كانا اثنين فأكثر أما في الجمعة فلا تجب إلا إذا كانوا ثلاثة فأكثر في غير البرية أما البادية والمسافرون في البر فليس عليهم جمعة لكن القرى والأمصار فيها جمعة وأدنى ما يكون ثلاثة فإن قيل كيف يمكن أن تكون قرية أو مدينة ليس فيها إلا ثلاثة فالجواب يمكن هذا بأن تكون هذه المدينة مسافرين جاءوا للدراسة مثلا كما يوجد الآن في المجتمعات في بعض البلاد الخارجية يكون من فيها من المواطنين ثلاثة فقط والباقون كلهم مسافرون جاءوا للدراسة فهؤلاء تلزمهم الجمعة لأن فيها ثلاثة مواطنين وأما البادية فلا تجب عليهم الجمعة لأن الجمعة لا تكون إلا في القرى والأمصار ولهذا لم تكن البادية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهم حول المدينة يقيمون الجمعة وفي قوله وعليكم بالجماعة إنما يأكل الذئب القاصية من الغنم دليل على أنه لا ينبغي للمسلمين الافتراق والاختلاف وأنه واجب عليهم الاجتماع وأن الشرود عن الجماعة سبب في الهلاك لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه ذلك بالقاصية من الغنم البعيدة يأكلها الذئب فتهلك فهكذا الذي يشذ عن الجماعة حتى لو برأي ينفرد به ويظن أن النصوص معه وتدل عليه فإن الواجب إذا رأى الإنسان في رأي أن النصوص وتدل على خلاف ما يراه الجمهور فالواجب عليه أن يعيد النظر مرة بعد أخرى إذ لا يمكن أن يكون الجمهور توهموا وأنت الذي أصبت ولهذا لما قال حذيفة لابن مسعود رضي الله عنه إن قوما يعتكفون في البصرة والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد الحرام والنبوي والأقصى قال لعلهم ذكروا ونسيت وحفظوا فوهم ابن مسعود حذيفة وذلك لأن المسلمين يكادون كالمجمعين على أن الاعتكاف يصح في كل مسجد وأنه لو فرض صحة حديث حذيفة لكان معناه لا اعتكاف تاما إلا في هذه المساجد الثلاثة وإلا فلا يمكن أن يخاطب الله بالقرآن الكريم الأمة الإسلامية يقول ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ثم نقول لا اعتكاف إلا في ثلاثة مساجد لا يحضرها ولا واحد بالمائة من المسلمين هذا خلاف البلاغة وخلاف الفصاحة لكن بعض الناس يحب الإغراب في الشيء يحب أن يذكر ومن أمثال العامة خالف تذكر هو إن شذ وخالف ما عليه الجماعة اشتهر ولهذا تجد بعض الناس يفتي بأقوال شاذة ما لها دليل مخالف للدليل ورأي الجمهور ثم يشتهر بهذا وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم الشاذ عن الجماعة بالقاصية من الغنم يأكلها الذئب والله الموفق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

MODAKRATI تصميم بلوجرام © 2014

يتم التشغيل بواسطة Blogger.